كريم بنزيمة تحول فجأة الى الظاهرة بعد أن كان مجرد عاهة يطالب الجميع في مدريد وخارجها برأسه سواء عند الفوز او الخسارة !!
لم انتظر ان يقدم بنزيما اداءا كبيرا لاثني عليه لانني دائما وأبدا مادافعت عن اللاعب واعتبرته احد اهم القطع في منظومة الريال وواحدا من أفضل المهاجمين في العالم عندما يتعلق الامر بالذكاء ، المساحة ، اللعب للفريق .
في اول ثلاث مباريات في الدوري الاسباني تمكن النجم الفرنسي من تسجيل اربعة اهداف كاملة دون أي ضربة جزاء ، أي أقل بهدف واحد مما سجله طوال الموسم الماضي اين توقف عداده في حدود الخمسة اهداف ، أدوار بنزيما لم تتغير عن السابق و أداءه لم يرتفع فجأة ، ما تغير هو فقط نجاعته او ربما الأصح عدد الفرص التي أصبحت تتاح له فكلما ارتفع عدد الفرص ارتفع عدد الأهداف .. في السنوات الاخيرة قل عدد الفرق التي تعتمد على المهاجم الكلاسيكي بسبب الثورة التكتيكية الكبيرة التي تشهدها كرة القدم وأصبحت الأولوية للمهاجم العصري فالعبرة الان كل العبرة بالتحرك ، الذكاء ، المساحة وسحب المدافعين .
قبل الحديث عن هذه المسألة يجب التفرقة بين المهاجم الكلاسيكي والمهاجم العصري في كرة القدم فمهمة المهاجم في الكرة الحديثة لم تعد تقتصر على مجرد التمركز داخل منطقة عمليات الخصم وانتظار الكرات لتسجيل الاهداف ، المهاجم التقليدي لا يشترك كثيراً في اللعب وضعيف نوعاً ما خارج الصندوق و لا يُجيد التحكم بالـكرة او العودة لوسط الميدان لـيُساند زملاءه في عملية بناء الهجمة ولا يمكن الاعتماد عليه للعودة للخلف لصناعة اللعب او حتى اللعب كمحطة للاعب هجومي آخر او احد الجناحين ، هذا النوع من المهاجمين مميز فقط داخل الصندوق و نادر جداً ان يترك بصمة خارجه و أفضل مثال على هذا النوع هو انزاغي ميلان و كريسبو سابقا وابرا وهيغوايين وايكاردي حاليا ، مهاجمين ميزتهم داخل منطقة الجزاء و لا يرحمون ابداً سواء بالحسم او بالتمركز وخداع المدافعين .
عندما جاء جوارديولا الى مانشستر سيتي و شاهد اهداف اجويرو المتتالية قال : " هي ليست قضية كم هدف يُسجل لـأننا سعداء في عدد الأهداف التي نقوم بـتسجيلها " و تم جلب خيسوس و أصبح مفضلا على اجويرو في مباريات كثيرة فقط لاتقانه فن التحرك ، وعندما جاء كلوب الى ليفربول كان ستوريدج أفضل مهاجمي الفريق على مستوى الأرقام لكن هذا لم يشفع له ان يستمر كـأساسي مع الفريق و أصبح فيرمينو هو الأساسي ، فلماذا ؟ لوكاكو مع مورينيو أصبح يخرج اكثر الى الجناح والوسط معتمدا على قوته البدنية وبنيته المورفولوجية لأجل الكرة الثانية المهمة جدا في تكتيك مورينيو .
المهاجم العصري في كرة القدم يعود الى الخلف ويساعد في بناء اللعب ويكون جيدا في التحكم بالكرة والسيطرة عليها ، يلعب وظهره للمدافعين ، يعرف ماذا يفعل بالكرة في الزوايا الضيقة والحالات الفردية ، يساند في بناء الهجمة ، يزيد عدديا في خط الوسط ، يصنع الاهداف والفرص لزملائه ، يحتفظ بالكرة تحت الضغط ويجيد المراوغات واللعب بين الخطوط ، اضافة الى فتح المساحات واللعب كمحطة للقادمين من الخلف مثلما يحدث مع دزيكو في روما و فيرمينيو في ليفربول لفائدة ماني وصلاح وحتى اوكس قبل الاصابة ، المهاجم المحطة فكرة اراها مهمة جدا في الكرة الحديثة حتى وان قل استخدامها مؤخرا .
بنزيما بعد رحيل رونالدو لم يتحول فجأة الى الظاهرة ورصيده الحالي من الاهداف لايدل اطلاقا على انه كان سيئا في السابق ، لكنه تحرر قليلا واصبح يملك وقتا اكبر داخل المنطقة وبالتالي فرصا اكبر لتعويض تلك التي يضيعها فلا احد في العالم يملك معدل 100% من اي شيء مهما كانت درجة اتقانه لهذا الشيء ، فلسفة لوبيتيغي الحالية ايضا تساعد البنز اللذي يظهر اكثر كلما كانت الكرة مع فريقك اكثر ، الاهداف تساهم كثيرا في زيادة ثقة المهاجم بنفسه وما أعيبه على لوبيتيغي حاليا هو تكليف راموس بضربات الجزاء ، بنزيما وبايل يعيشان فترة زاهية وكان الاجدر منحهما الفرصة لتعزيز ارقامهما بدلا من جعل مدافع الرقم واحد في ذلك .
بنزيما طوال مسيرته لاعب مميز جدا حتى وان كان يضيع بعض الفرص برعونة وغرابة شديدة ، لكن الامر يبقى ثانويا في مقابل كل الادوار الاخرى التي يقوم بها ، فطوال تسعة مواسم كاملة قضاها بين اسوار الفريق الملكي ورغم تتابع ستة مدربين كبار لم تتزعزع مكانته ولم نسمع منهم انتقادا او اشارة على اللاعب ولو لمرة واحدة رغم كل ماواجهه اللاعب وما واجهه المدربون من الجماهير والمتابعين والمحللين وغيرهم ممن لازالو يعتقدون ان الوظيفة الوحيدة للمهاجم هي تسجيل الاهداف في كل مباراة وفقط .