[ يبدأ الفقد كبيرا ثم يصغر ويصغر حتى يبقى مجرد ذكريات ] .. مما قرأت ذات يوم وأعجبني ، ذكريات قد تصل بنا غرابة هذه الدنيا وهوانها الى الضحك ، الضحك على مشاعر أصابت القلب في مقتل وكادت تهوي بالروح الى الدرك الاسفل يوما ما ، ولعله كان يوما قريبا .. أو ربما نشعر بالامتنان لتلك اللحظات ! الامتنان لأنها جعلت منا شخصا آخر ، شخصا ربما الى الله أقرب وهذا الراجح ، أو شخصا أكثر جدية حيال العلاقات التي يخوضها ، أو على الأقل وضحت لنا حقيقة أشخاص آخرين كنا ندعوا الله الا تمر الليالي دونهم ، ندعوه لأن يصلح حالهم و ييسر أمرهم ولايفرقنا عنهم لكنهم في النهاية يخذلوننا دون شك ، فاللذي وثقت به سيدير ظهره واللذي تمسكت به سيفلت يدك ، وستكون أسعد انسان لو وجدت شخصا واحدا في هذه الدنيا بما رحبت تسند عليه ظهرك لكن الحقيقة ان لا أحد سيفعل وستجد نفسك تشد على يدك بيدك وتربت على قلبك في صدرك ولا أحد أحن عليك من نفسك فلا ترهقها .
عندما تضيق بنا الأرض بما رحبت وتتقطع بنا السبل نعود الى الله رغما عنا ونعلم اننا حين نأوي اليه فإنا نأوي الى ركن شديد ، ركن لن يخيب أبدا أبدا ولن يمن عليك او يخذلك أو يتركك في منتصف الطريق رغم أنك على الغالب ستفعل ، وستعود الى اللهو والهرج والمرج بمجرد أن يخف وقع نازلتك عن كتفيك .
عندما يحل بك الفقد بالمعنى الحرفي للكلمة لاتعجل ، لن أقول لاتحزن او لا تجزع فخلق الانسان ضعيفا [ والفقد يهوي في الفؤاد ويوجع ]، لكن فقط لاتندم على كل جميل أظهرته ولا على حسن نية أبديته حتى وان سخر منك فلا تبادل الاهانة ففي النهاية هي مسألة أخلاق ، حينما لايعرف الانسان كيف يداري عيوبه فالأكيد أنه سيحاول وبشتى الطرق قول مافيك وما ليس فيك ، وهذه من الشيم فطرية في الانسان الجاحد ، لاتندم على كل مرة كان لايجب فيها ان تستمر ولكنك فعلت ، فعلت فقط لأنك أحببت بصدق أو صادقت بود ، انهي علاقتك في سلام فالأوقات الجميلة التي قضيتها لها عليك ألف حق وحق .. احذف برج المراقبة اللذي تتسرب منه الثقوب والاوجاع لقلبك .
نصف هذا التعلق مرتبط أساسا بالتعود لا الحب والأيام وحدها كفيلة باثبات ذلك ،[ الوحدة والفراغ ] سيقتلانك حرفيا ، فنصف النجاح في ملئ الفراغ والنصف الآخر الله كفيل به ، السير بمبدأ [ لوكان خيرا لكان ] والثقة التامة بأن الله سيجبر هذا الكسر وسيعوض كل غصة في القلب تعويضا تعجز بعده عن شكره .